لقاء ضيف الرياض

شاركت في لقاء ضيف الرياض (لقاء مرئي تعدة إدارة الاعلام الالكتروني في جريدة الرياض). تضمن اللقاء أربعة اسئلة حول المشهد الاعلامي الحديث. ونظرا لمحدودية الوقت المتاح في اللقاء، فإنني اشارك بوجهة نظري مكتوبة

كيف تصف مستقبل الإعلام في ظل التطورات التقنية المتلاحقة؟

لا يخفى على احد ما حدث من نقلة كمية في عدد الوسائل الإعلامية والاتصالية، ولم يعد الإنسان محدودا في عدد المنافذ الإخبارية والترفيهية المتاحة له، وقد جاء ذلك بفضل تقنيات الأقمار الصناعية واتساع مجال التغطية  للبث الإذاعي والتلفزيوني، وأتت شبكة الإنترنت لتزيد من هذه المنافذ من خلال تطبيقات منصات التواصل والتراسل الاجتماعي.

لم يقتصر التغير في المشهد على النقلة الكمية بل أيضا هناك نقلة نوعية، حيث تغير مواقع الوسائل الإعلامية في المشهدين المحلي والدولي. فمثلا كانت الإذاعة وسيلة إعلام خارجية بينما التلفزيون وسيلة إعلام محلية. الآن تغيرت الصورة فالإذاعة من خلال قنوات FM أصبحت محلية، بينما تحول التلفزيون إلى وسيلة إعلام خارجية من خلال القنوات الفضائية.

أيضا من مظاهر النقلة النوعية أن ظهرت قنوات جديدة للإعلام البديل، حيث وفرت منصات التواصل الاجتماعي منافذ للتعبير عن آراء ولمتابعة أو نشر أخبار لم تكن وسائل الإعلام السائدة (التقليدية) قادرة على استيعابها.

ومن تداعيات هذه النقلة بشقيها الكمي والنوعي تضائل أهمية الموضوعية والحيادية في الأخبار، كنا نبحث عن المصدر الإخباري المحايد حين كانت مصادر الأخبار والتحليلات حولها قليلة ومحدودة. اليوم نحن أمام مصادر وقنوات متعددة، تمثل مختلف الاتجاهات والأجندات والمصالح السياسية من الشرق والغرب ومن الشمال والجنوب، يستطيع الجمهور الواعي إعلاميا أن يتخذ الموقف الذي يراه، قد تتفق كثير من المصادر في وصفها للحدث، لكنها تختلف في تفسيرها وتحليلها لأسبابه وتداعياته المحتملة.

ما بين نظريات الإعلام العتيقة وحراك الإعلام الجديد.. ما هو مستقبل العمل الإعلامي؟

الحديث عن نظريات الإعلام يتطلب تصنيفها. هناك النظريات العلمية والتي تتسم في الغالب بالشمولية لأكثر من وسيلة قديمة أو حديثة، وهذه النظريات العلمية ظهرت من دراسات مبنية على مناهج علمية، وقد تمت مراجعتها واختبار فرضياتها، وتعتبر من الأسس والمنطلقات الهامة  لفهم العملية الإعلامية، وهي في الغالب لا تهم إلا الأكاديميين والدارسين للإعلام، وهم الحريصون عليها لتفسير وفهم الظواهر الإعلامية والتأثيرات المحتملة للإعلام. وكثير من هذه النظريات تتسم بقدر معقول من الثبات عبر المكان والزمان.

لكن هناك النظريات المعيارية، وهي التي تتبناها الأنظمة السياسية، وتحدد ما يجب أن تكون عليه المؤسسات الإعلامية، وتشكل الأطر العامة للسياسة الإعلامية، وتنطلق في ذلك من المعايير الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تتبناها كل دولة. بعض من هذه النظريات بدأت تتأكل بعد زوال الحدود الجغرافية ودخول الإعلام الخارجي كمنافس للإعلام المحلي. لذا يجب مراجعة تلك المنطلقات خاصة تلك المتعلقة بتنظيم ومراقبة الإعلام، وكما يجب العمل على إعادة النظر في البيئة التشريعية وتطويرها من أجل رفع السقف للمساحة المتاحة لوسائل الإعلام في مناقشة الشأن المحلي بشفافية، ودون ذلك فإنها عرضة لان تخسر جمهورها المحلي.

وهناك أيضا النظريات العملية، والتي يعمل وفقها القائمون على الوسائل الإعلامية والعاملون فيها، وقد اكتسبوا هذه النظريات من خبراتهم وتجاربهم التي اكتسبوها من ممارستهم للإعلام. وهذه نظريات ليست مبنية على دراسات علمية، ولا تهتم بفهم طبيعة العمل الإعلامي بقدر ما تهتم بالمنطلقات التنظيمية والمالية التي تضمن لهم ليس فقط البقاء في حدود المسموح وعدم تجاوز الخطوط الحمراء، بل تضمن أيضا البقاء والاستقرار المالي للمؤسسة. وهذه النظريات العملية أيضا عرضة للتغير وفق مستجدات العمل الإعلامي، ولعل ما تشهده المؤسسة الصحفية من أزمات مالية متتابعة خلال العشر سنوات الماضية خير مثال على ذلك، لأنها عجزت عن التأقلم مع هذه المتغيرات.

لذا فإن مستقبل العمل الإعلامي مرهون بالقدرة على تطوير وتحديث هذه النظريات المعيارية والعملية لتوائم مع المتغيرات الجديدة

كيف ترى تصدر بعض مشاهير التواصل الاجتماعي للمشهد مؤخرا؟

منصات التواصل الاجتماعي منافذ إعلامية بديلة أتت بها الإنترنت، واصبح لها روادها والناشطون فيها. هل هي منافسة لوسائل الإعلام التقليدية؟ بالتأكيد نعم. ففيها كثير من أشكال المضامين التي نجدها في وسائل الإعلام (أخبار وترفيه وإعلانات).

أنا أرى انهم يمثلون في مجتمعنا النسخة السعودية للصحافة الصفراء، حيث يغلب عليها الإثارة والمبالغة، وهي التي تجذب لهم المتابعين. وقد مكنهم ذلك عدم الالتزام بكثير من القيم المهنية التي لا تستطيع وسائل الإعلام السائدة التنازل عنها.

الحديث عن تأثيرهم مرتبط بقدر كبير بالوعي الإعلامي لدى الجمهور، لأنها تختلف عن الوسائل الإعلامية بأنها لا تأتي إلى الجمهور بل هو من يذهب إليها من خلال المتابعة، وهذا يتم وفقا لنظريات التعرض الاختياري، مما يعني أن الفرد هو من يقرر كيف يتم التأثير، وهذا الاختيار يتم وفقا لدوافع الإشباع التي يبحث عنها الفرد، فهو يبحث عن ما يتسق مع ميوله ورغباته واهتماماته.

الفرد ليس سلبيا في تعامله مع المصادر الإخبارية والمنافذ الترفيهية، بل لديه دوافع ومحفزات لذلك.

كيف ترى خوض الأفراد في الأزمات السياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

يعرف المتخصصون في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بان الأزمات السياسية تسهم في تعزيز الجبهة الداخلية، وكثيرا ما تقوم بعض الدول بمعالجة أزماتها الداخلية باختلاق أزمات سياسية خارجية، وذلك من اجل احتواء الأزمة على المستوى الداخلي وتعزيز الجبهة الداخلية.

اعتقد أن منصات التواصل الاجتماعي فتحت منافذ واسعة وغير مسبوقة في تعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات والتهديدات الخارجية، ويتسابق الأفراد في التعبير عن حبهم للوطن وتأكيد ولائهم له، وبما يعزز مشاعر الوطنية والانتماء. وهذا كثير ما يعزز من موقف الدولة.

لكن الإشكالية حين يكون هناك مبالغة أو ما يمكن أن يسمى عمى الوان في التعبير عن الوطنية، ويتم فيها خلط في الألوان بين الأحمر والأخضر. فيبدأ بعض المتدثرين بالوطنية بكيل التهم على كل من خالفهم الرأي. كما أن البعض يأخذه الحماس، وينسى أن تلك ازمه سياسية، فيحولها إلى صراع ثقافي أو طائفي، وهو ما تحرص الدولة على تفاديه وهو أن يتحول الصراع أو الأزمة من دائرة السياسة إلى أبعاد طائفية أو ثقافية، والخطورة هنا أن يتحول إلى صراع وأزمة بين الشعوب بدلا من تكون ازمه وخلاف سياسي بين الحكومات

ولن يجد المتمعن والمراقب لما يدور في منصات التواصل الاجتماعي صعوبة في التعرف على أمثلة لذلك، وهذا من شأنه أن يزيد من الفجوات الثقافية التي يفترض نحرص دائما على ردمها

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s